مجاعة كارثية تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة
صورة توضيحية تعبر عن الأزمة الإنسانية في غزة |
أزمة إنسانية غير مسبوقة وسط حصار إسرائيلي خانق
شهد قطاع غزة في يوليو 2025 تصاعداً خطيراً في أزمة المجاعة والتجويع، حيث حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من وصول المجاعة إلى مستويات كارثية تهدد حياة أكثر من 2 مليون فلسطيني وسط استمرار الحصار الإسرائيلي المحكم الذي يمنع دخول الغذاء والدواء منذ أكثر من أربعة أشهر. وقد وصفت المنظمات الدولية الوضع في غزة بأنه "أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض"، فيما اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن ما يحدث هو "واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم".
الأرقام الصادمة للمأساة الإنسانية
تكشف الإحصائيات الحديثة الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الدولية حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. فقد ارتفع عدد الأطفال الذين استشهدوا بسبب سوء التغذية إلى 69 طفلاً، بينما يواجه أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة خطراً حقيقياً ومباشراً من سوء التغذية الحاد خلال الأسابيع المقبلة. وأشارت التقارير إلى أن 4 أطفال استشهدوا نتيجة المجاعة خلال 24 ساعة فقط، مما يعكس التسارع المأساوي للأزمة.
![]() |
إحصائيات أزمة المجاعة في قطاع غزة - يوليو 2025 |
من ناحية أخرى، وصل إجمالي "شهداء لقمة العيش" - وهو المصطلح الذي يطلق على من يُقتلون أثناء محاولة الحصول على المساعدات الغذائية - إلى 891 شهيداً وأكثر من 5,754 إصابة. هذه الأرقام تسلط الضوء على الخطر المميت الذي يواجهه المدنيون الفلسطينيون حتى عند محاولة الحصول على الطعام للبقاء على قيد الحياة.
التصنيف الدولي للأمن الغذائي يؤكد الكارثة
حسب تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي يعتبر المرجع الدولي الرائد لتقييم حدة أزمات الجوع، فإن 91% من سكان قطاع غزة يعانون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي. وأشار التقرير إلى أن 470 ألف شخص يواجهون مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة والأشد من التصنيف)، مما يعني أنهم يواجهون خطر الموت جوعاً.
وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يعاني جميع سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون شخص من الجوع الحاد، فيما يواجه 244 ألف شخص وضعاً كارثياً في المرحلة الخامسة من التصنيف، و925 ألف شخص في مرحلة الطوارئ (المرحلة الرابعة).
الأطفال الضحية الأبرز للتجويع الممنهج
تُظهر التقارير الدولية أن الأطفال هم الضحية الأبرز لسياسة التجويع المُمارسة في غزة. حذرت منظمة اليونيسف من أن 9 من كل 10 أطفال في غزة يعانون من فقر غذائي حاد، مما يعني أنهم يتغذون على مجموعتين غذائيتين أو أقل في اليوم. وقد تم تشخيص أكثر من 5,800 طفل بسوء التغذية خلال شهر يونيو وحده، من بينهم أكثر من 1,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد والشديد.
تحذر منظمة الصحة العالمية من أن 71 ألف طفل دون سن الخامسة سيعانون من سوء تغذية حاد خلال الأحد عشر شهراً القادمة إذا استمر الوضع الحالي. كما أفادت تقارير بأن 60 ألف رضيع حُرموا من الحليب، بينما تفتقر 60 ألف امرأة حامل إلى الغذاء والرعاية الصحية الأساسية.
الحصار الإسرائيلي وتدمير المنظومة الصحية
يستمر الحصار الإسرائيلي الكامل على قطاع غزة منذ 139 يوماً متواصلاً، حيث منعت قوات الاحتلال دخول 76,450 شاحنة مساعدات إنسانية ووقود. وقد أدى هذا الحصار إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية، حيث تعمل فقط 17 مستشفى جزئياً من أصل 36 مستشفى في القطاع، ولا يوجد أي مستشفى يعمل في شمال غزة أو في رفح جنوباً.
استهدفت القوات الإسرائيلية بشكل ممنهج 42 تكية طعام و57 مركزاً لتوزيع المساعدات والغذاء، كما نفذت 122 عملية استهداف لقوافل المساعدات والإرساليات الإنسانية، مما يؤكد على الاستخدام المُمنهج للتجويع كسلاح حرب.
تحذيرات دولية من كارثة إنسانية
حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن "مليوني شخص يتضورون جوعاً في غزة"، مشيراً إلى أن "الغذاء والدواء على بُعد دقائق من الحدود" بينما يموت الناس جوعاً. وقال إن الوضع "كارثي" ويتطلب تدخلاً فورياً لمنع المزيد من الوفيات.
من جهته، وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) غزة بأنها "أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض"، محذراً من أن "الوقت ينفد بسرعة كبيرة، والأرواح تُزهق كل ساعة". وأكد أن الأمم المتحدة لديها ما يقرب من 180 ألف منصة نقالة من المواد الغذائية والمساعدات المنقذة للحياة جاهزة لدخول غزة.
التأثير طويل المدى على الأجيال
حذرت المنظمات الدولية من التأثير طويل المدى لأزمة المجاعة على الأجيال القادمة. فحسب منظمة الصحة العالمية، فإن سوء التغذية الحاد "يمكن أن يستمر مدى الحياة"، مع آثار تشمل التقزم وضعف النمو المعرفي والصحة. وحذر المسؤولون من أنه "بدون توفر ما يكفي من الطعام المغذي والمياه النظيفة والوصول إلى الرعاية الصحية، سيتأثر جيل كامل بشكل دائم".
كما أشارت تقارير اليونيسف إلى أن التدهور في الوضع الغذائي لسكان غزة "غير مسبوق على مستوى العالم"، حيث إن 95% من الأسر تحد من وجباتها وأحجامها، و64% منها يتناول وجبة واحدة فقط في اليوم.
دعوات دولية للتدخل العاجل
تتزايد الدعوات الدولية للتدخل العاجل لإنقاذ حياة المدنيين في غزة. دعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى "السماح الفوري بإدخال مواد الإغاثة ورفع الحصار عن القطاع"، محذرة من "اقتراب خطر المجاعة والانهيار الوشيك والكامل للزراعة، واحتمال تفشي الأوبئة القاتلة".
من جهتها، طالبت وزارة الصحة في غزة المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بـ**"التحرك العاجل والفعلي لوقف هذه المجازر وفتح الممرات الإنسانية لتوريد الغذاء والدواء والوقود بشكل آمن ومنتظم"**.
خاتمة
تُظهر الإحصائيات والتقارير الدولية أن قطاع غزة يواجه أسوأ أزمة إنسانية في تاريخه الحديث، حيث تتفاقم المجاعة يوماً بعد يوم وسط حصار إسرائيلي محكم واستهداف ممنهج للمدنيين والمراكز الإنسانية. والمؤسف أن كل دقيقة تأخير تعني فقدان أرواح جديدة، كما حذرت وزارة الصحة الفلسطينية، مما يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لمنع تحول هذه الكارثة إلى إبادة جماعية كاملة بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
المصادر الرئيسية:
- وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - إحصائيات وزارة الصحة في غزة
- مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية - تقارير الأمم المتحدة حول المجاعة
- منظمة الصحة العالمية - تصريحات رسمية حول الأزمة الصحية
الوسوم
مجاعة | غزة | حصار إسرائيلي | أمن غذائي | أطفال غزة

.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار