البيض وضغط الدم: هل هو صديق للقلب أم عدو خفي؟ إليك رأي الطب
لطالما أثار البيض جدلاً واسعاً في الأوساط الطبية والغذائية، خاصة عندما يتعلق الأمر بصحة القلب والشرايين. فبينما يُصنف كغذاء "خارق" لما يحتويه من بروتينات وفيتامينات، تلاحقه سمعة الكوليسترول السيئة. وفي ظل تصدر أمراض القلب قائمة أسباب الوفاة عالمياً، واعتبار ارتفاع ضغط الدم "القاتل الصامت"، يطرح الملايين سؤالاً جوهرياً: ماذا يحدث لضغط دمي عند تناول البيض؟
تُجيب مجلة «بارادي» (Parade) الأميركية المتخصصة في نمط الحياة والصحة عن هذا السؤال، مستعينة برأي طبية القلب ديبورا دبليو ساندلوف، لتوضح الخط الفاصل بين الفائدة والضرر.
المعادلة الذهبية: الاعتدال والسياق الغذائي
تؤكد ديبورا ساندلوف، طبيبة القلب، أن الخوف من البيض لم يعد مبرراً كما كان في السابق. الخبر السار لمرضى الضغط هو أنكم تملكون زمام السيطرة على صحتكم من خلال النظام الغذائي، والبيض يمكن أن يكون جزءاً من هذا النظام.
تقول ساندلوف: «بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، يعتبر تناول البيض باعتدال -بمعدل بيضة واحدة يومياً- أمراً آمناً تماماً كجزء من نظام غذائي صحي شامل».
وتشير الطبيبة إلى نقطة جوهرية غالباً ما يغفلها الناس، وهي أن "سياق الوجبة" أهم من البيضة نفسها. فتناول البيض لا يتم في الفراغ، وتأثيره يعتمد على ما يرافقه في الطبق:
- السيناريو السلبي: تناول البيض مقلياً بالزبدة مع اللحوم المصنعة (مثل النقانق) والخبز الأبيض. هنا يكمن الخطر في الدهون المشبعة والأملاح، وليس في البيض بحد ذاته.
- السيناريو الإيجابي: تناول البيض مسلواً أو كعجة (أومليت) مليئة بالخضروات، مع خبز الحبوب الكاملة والفواكه. في هذه الحالة، تتعاظم الفوائد الصحية.
البيض وضغط الدم: تأثير محايد أم مفيد؟
خلافاً للاعتقاد السائد بأن الأغذية الغنية بالكوليسترول ترفع ضغط الدم فوراً، توضح ساندلوف أن الأدلة العلمية تشير إلى عكس ذلك.
تؤكد الدراسات أن تناول بيضة إلى ثلاث بيضات يومياً لا يرتبط بأي تغييرات سلبية كبيرة في قراءات ضغط الدم. وتضيف ساندلوف: «تشير معظم الأدلة إلى أن تناول البيض باعتدال لا يرفع ضغط الدم بشكل ملحوظ، بل قد يرتبط بانخفاض طفيف في ضغط الدم لدى بعض الفئات».
ويعزز هذا الرأي دراسة علمية نُشرت عام 2025، أظهرت أن تناول بيضتين يومياً لم يؤدِ إلى رفع مستوى الكوليسترول الضار (LDL)، شريطة أن يكون النظام الغذائي العام منخفضاً في الدهون المشبعة. هذا يثبت مرة أخرى أن "السياق العام" للنظام الغذائي هو الحكم.
المعركة بين "الصفار" و"البياض"
عندما يتعلق الأمر بضغط الدم تحديداً، لا تميز الدراسات بوضوح بين تأثير بياض البيض والبيض الكامل. ومع ذلك، يكمن الفرق الرئيسي في محتوى الكوليسترول الموجود حصرياً في الصفار (نحو 186 ملليغراماً في البيضة).
متى تختار البياض فقط؟
- إذا كنت تعاني من ارتفاع شديد في الكوليسترول، تنصح ساندلوف باختيار بياض البيض لأنه خالٍ من الكوليسترول.
متى تختار البيضة الكاملة؟
- إذا كانت مستويات الكوليسترول لديك طبيعية، فإن تناول البيضة كاملة هو الخيار الأفضل صحياً. السبب هو أن الصفار منجم للعناصر الغذائية الضرورية التي تفتقدها عند رميه.
[رسم توضيحي: القيمة الغذائية في صفار البيض]
- فيتامين د (Vitamin D): ضروري لصحة العظام والمناعة.
- الكولين (Choline): مهم لصحة الدماغ والجهاز العصبي.
- الفولات (Folate) وفيتامينات ب: تدعم صحة الخلايا والطاقة.
الخلاصة: كيف تتناول البيض بذكاء؟
إذا كنت بصحة جيدة، فإن تناول بيضتين إلى ثلاث بيضات في وجبة الإفطار لا يشكل خطراً. أما إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، فإن الالتزام ببيضة واحدة يومياً، أو التركيز على بياض البيض، مع الإكثار من الخضروات والحبوب الكاملة، هو الاستراتيجية المثلى.
تذكر دائماً: لن يؤثر طعام واحد بمفرده على صحتك بشكل جذري، بل هو نمط حياتك الكامل الذي يحدد صحة قلبك.
المصادر
للمزيد من المعلومات الموثقة حول صحة القلب وتأثير البيض، يمكنكم الرجوع للمصادر التالية:
-
Parade Magazine: المقال الأصلي الذي يوضح تفاصيل تأثير البيض على ضغط الدم بناءً على رأي أطباء القلب.
What Happens to Your Blood Pressure When You Eat Eggs? Cardiologists Explain -
American Heart Association (AHA): توصيات جمعية القلب الأمريكية بشأن البيض والكوليسترول ضمن نظام غذائي صحي.
Suggested Servings from Each Food Group - AHA
الوسوم
ارتفاع ضغط الدم | فوائد البيض | صحة القلب | الكوليسترول | تغذية صحية

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك إذا كان لديك أى إستفسار